أطفالنا في رحلة التعلم و الاستكشاف ، يواجهون العديد من المثيرات التي يصدر عنها إستجابة من قِبلهم، فإما أن تُعزز البيئة هذه
الاستجابات أو تثبطها، أحياناً تمحور طفلك حول طريقة معينة تساعده على حل مشاكله ، تلقي بكِ في مهاوي الردى ، و تقفين
عرض الحائط فارغة اليدين مستسلمةً لهذا الطفل الذكي، وهذا ما يحاول الوصول إليه فعلاً، ما الذي يحصل إذاً؟
ما هو السلوك ؟
قبل الخوض في مفهوم السلوك ، سأخبرك سراً لكنه واضح أحيانا ؛ طفلك ذكي جداً جداً بإمكانه أن يمشي وفق ما يريحه و وفق ما يخطط له و يتجاوزك إذا سمحتي بذلك و استسلمتي له ، فمن الضروري جداً أن نفهم تصرفات وسلوكيات أطفالنا حتى نستطيع التعامل معها، إذاً ما السلوك ؟
السلوك هو التفاعل الذي يحصل ما بين الكائن الحي وبيئته المحيطة والخارجية وكما أنه يُعَرَّف أيضاً على أنه مجموعة الاستجابات التي تحصل نتيجة وجود مثيرات بيئية مختلفة . فحتى الكبار لديهم سلوك متعلم و مكتسب ، هو أمر طبيعي في حياتنا اليومية، لكن بإمكاننا تثبيط السلوك الخاطئ وتعزيز السلوك الصحيح.
آثار الانسياق لسلوكيات الطفل
تتدحرج الكلمات مثل ( اتركوه يعمل اللي بده ياه، أعطوه شو ما بده، ما حد يحكي معه هو حر، حبيبي لا تعيط خد هاد اللي بدك ياه) كل هذه الجمل التي تخرج دون إدراك مصبها ، ستضر طفلك بالدرجة الأولى و تؤثر عليك بالدرجة الثانية، الكثير من الأهل يلجأون لطرق سهلة جداً حتى يريحون أنفسهم من مقارعة طفلهم، فتنقلب على رؤوسهم، مثلاً إذا بكى الطفل يأخذ ما يريد، إذا غضب الطفل يأخذ ما يريد،إذا أبدى شارات الحزن و العويل و (الطنج) يأخذ ما يريد، وهنا يقع الأهل في فخ الطفل، فيأخذ هذا الأسلوب المريح طريقاً للحصول على الشيء الذي يريده، ما يجعله طفل أناني، يحل مشاكله بطريقة خاطئة ، و إذا زاد دلاله و حصل على مدح وتعزيز دوماً -حتى لو كان لا يستحق المدح والتعزيز- وعدم المعاقبة على الخطأ، وأن الطفل لا يخطئ، ستصنع شخصاً نرجسياً ، يعاني منه المجتمع كامل ، أو عند بكاء الطفل يأخذ الأجهزة الإلكترونية ذات الضرر الكبير حتى يسكت، فكل هذه الأساليب تعزز السلوك الخاطئ عند الطفل و ينقلب أثرها على الأهل مستقبلاً، وقد تتحول لاضطرابات سلوك .لأنها ستُغْرَسُ في حياته و تصنع شخصه.
أهمية تعديل السلوك
إنَّ منارة تعديل السلوك ضوء يحملنا للطريق الصحيح ، من خلال تعديل السلوكيات الغير مرغوبة و تعزيز السلوكيات المرغوبة عند الطفل بذلك نبني فيه شخصاً فعالاً ليس لديه صفات غير مرغوبة وصعبة التعامل، نريح أنفسنا من الكثير من الأمور بخلق روح القناعة في أطفالنا، من خلال تعديل السلوك نعلمهم طرق فعالة للتعامل مع المشاكل بدل الصراخ أو العويل، نربي أطفالنا بدل أن يربونا هم، في الآونة الأخيرة سمعنا جملة” هاد الجيل هم ربونا مش احنا ربناهم” لأننا سمحنا لهم و أعطيناهم كل الفرص ، ولم نكلف أنفسنا على الصبر والتحمل قليلاً بل لجأنا لأسهل الطرق.يستطيع الطفل من خلال تعديل سلوكياته و معرفة أخطاءه وطرق التعامل معها و تجنبها،وتكرار الأشياء المفيدة و الصحيحة ؛ لنصنع طفل سوياً مجتمعياً و نفسياً .
أساليب تعديل السلوك
هناك عدد من أساليب تعديل السلوك المهمة ، و بقولنا سلوك هنا قد يكون هذا السلوك سلوكاً حسن أو سلوكاً سيء، و الشق الأول من تعديل السلوك هو دعم السلوك الحسن
أولاً:أسلوب التشكيل : يشمل هذا الأسلوب على تشجيع و تعزيز الفرد على الاقتراب من الهدف ، باستخدام مشجعات ومعززات يحبها طفلك لإتمام أمر ما ،مثلاً : ” إذا رتبت أغراضك رح آخدك مشوار”، لأنك جبت علامة كاملة في الامتحان رح أجيبلك هدية”
ثانياً: النمذجة وتعني المحاكاة ، مثلاً طفل عمره خمس سنوات شاهد التلفاز لوقت قصير بحضور الأم، فكان في الرسوم المتحركة طفل يرتب غرفته، تشرح الأم ما الذي يحصل:”شوف ما أشطره رتب غرفته وصارت كثير حلوة، وضع حقيبته مكانها و ملابسه بالخزانة ، مين البطل اللي رح يعمل هيك بغرفته هو كمان ؟ ” و تتم بتقليد شيء ما بعد التوضيحات والطلب.
ثالثاً: التغذية الراجعة والتي تقوم بتقديم معلومات عن طبيعة أداء الطفل بهدف تعزيزه و توجيهه، مثلاً إذا حل الطفل مسألة رياضية تقول المعلمة أو الأم” أنا كثير مبسوطة منك لأنك حليت المسألة صح و بشكل كامل أنت كثير شاطر”
الشق الثاني من تعديل السلوك هو تعديل السلوك السلبي و يتم من خلال عدة طرق تتشكل بالآتي :
١- أول و أهم أسلوب يفضل استخدامه دوماً و طرقه فعالة مع الكبار والصغار هو التجاهل،تجاهل السلوك الذي لا ترغب أن يقوم به الطفل ،مثلاً طفلك كلما أراد شيئاً يبكي أو يصرخ، تجاهله حتى لو اضطرك الأمر أن تسمع بكاءه ساعات، لكن لا تعطه ما يريد و إلا كلما أرد شيئاً سيبكي و يصرخ.
٢-التعزيز السلبي : أن يتفادى الطفل العقاب ، أي أنه يتبع أمر معين كي يتجنب العقاب.
٣-التعزيز التفاضلي للاستجابات: أي أن الطفل يُعزَز إذا امتنع عن أداء السلوك الغير محبذ.
٤-العقاب و السحب :ويكون بشكل مباشر من خلال سحب شيء يحبه الطفل أو منعه من القيام بشيء يحبه، مثل اللعب خارج المنزل ، وليس الحرمان من المصروف لأنها أسوأ طرق العقاب ولا الضرب هذا يمنع بتاتاً لأن لكلا الطريقتين عقبة غير محمودة.
٥-التصحيح الزائد أو إزالة الأثر: والذي يتم من خلال إرغام الطفل أن يؤدي سلوك بديل مباشرة بعد تأديته للسلوك الغير مرغوب فيه،مثلاً إذا كان طفلك يرمي القمامة على الأرض ، بدايةً نجعله يرميها ثم نرغمه بوجود سلة المهملات بوضعها مرةً ثانية في القمامة.
كن صابراً و مرابطاً في ميادين سلوكيات أطفالك، فإما أن تخرج خاسراً و تكفكف دموعك ندماً مستقبلاً إذا لم تعدل سلوكياتهم،أو تعود منتصراً خارجاً بغنائم كبيرة أهمها شخصية طفلك و راحة بالك، فلا تستسلم أبداً وساعد نفسك و طفلك في تثبيط السلوكيات الغير مرغوبة و تشجيع السلوكيات المرغوبة ، استمتع في حياة طفلك و اجعله تحدياً لك وله .