يبقى الأهل في رغبة دائمة لجعل أطفالهم مثاليين قدر الإمكان، و يسعون لجعل طفلهم لا يُخطئ أبداً، بالنهاية لا يوجد أحد مثالي في هذه الحياة و الجميع مُعّرض لحدوث الخطأ و التعلم منه و استكشاف ما هو جديد. في هذه المقالة سنتحدث أكثر عن مثالية الطفل و آثار ذلك عليه.
مثالية الطفل
يقع الأهل في مطب أن طفلهم لا يخطئ و إذا أخطأ فإن خطأه مبرر؛ لأنهم في محاولاتهم المستمرة لجعل الطفل مثالي في تصرفاته و ما يتعلمه في حياته، خاصة لجعل طفلهم متفوقاً على زملائه أو أقاربه ممن هو في عمرهم، لكن هذا الفعل ليس بالضرورة أن يكون فعلاً صحيحاً إنما قد يلقي بالأهل و الطفل في محطات و مشاكل هم بغنى عنها. الطفل في هذه الحياة يدخل على محطة تعلم جديدة عليه لاستكشاف ما يدور حوله و التعرف عليه حتى يستطيع التعامل مع المواقف المختلفة بمروره بتجارب مختلفة؛ لذلك فإن هذه المواقف قابلة للخطأ و عدم الكمال. حتى محاولات الطفل اليومية بكل شيء، كما أن هناك نوع من الأهل مثلاً ينتظرون من طفلهم المزيد دوماً و لا يكفيهم ما عنده من قدرات متوفرة. و الأسوأ من ذلك اعتقادهم أن الطفل في بعض الأمور الغير طبيعية هو مرتب و منظم و هذا هو الكمال المطلوب منه، رغم أن تصرفاته التي يقوم بها تصنف ضمن ما هو غير طبيعي، فبعد مدة من الوقت يكتشف الأهل أن ما يقوم به الطفل و أن تصرفاته كاملة غير طبيعية و يشخص كطفل توحدي مثلاً أو يعاني من مشاكل سلوكية؛ لذلك فإن سعي الأهل المتواصل لجعل طفلهم طفلاً مثالياً هو أمر غير محبذ و له آثار سلبية على الطفل و أحياناً على الأهل.
آثار سعي الأهل لجعل طفلهم مثالياً
يظن الأهل أحياناً أن ما يقومون به هو الطبيعي و هو المفروض أن يحدث، لكن فعلياً فإن سعيهم المستمر لجعل الطفل مثالياً له آثار سلبية كبيرة على الطفل و عليهم أيضاً منها:
١- جعل الطفل يشعر بالاحباط الدائم نتيجة توقع المزيد منه و قد يفوق هذا المزيد مستوى قدراته و طاقته مما يراكم عليه العبء و المسؤولية، و يجعله لا يحقق المطلوب منه فيشعر بالإحباط و الخوف الدائمين.
٢- شعور الأهل أنفسهم بالإحباط نتيجة عدم تحقيق طفلهم ما يرغبون منه تحقيقه.
٣- تعرض الطفل للضغط النفسي الشديد الذي بدوره يجعله حزيناً، قلقاً، و مكتئباً معظم الوقت.
٤- شعور الطفل بالخوف المستمر من عدم الإنجاز أو من الوقوع في الخطأ.
٥- قد يصل الطفل لمرحلة تجعله يعتقد نفسه الصحيح بكل شيء و الآخرين هم من يرتكبون الأخطاء، نظراً لتوقعه المثالية دوماً، مما يجعل شخصيته شخصية نرجسية أيضاً.
٦- يحرم الطفل من لذة الاستمتاع في تجربة الاستكشاف و التعلم من الخطأ في حياته.
٧- على الأهل أن يقتنعوا أن طفلهم لا يعرف معظم الأشياء و هو بحاجة لتعلمها و استكشافها فهو لا يعتبر طفلاً مثالياً.
٨- مقارنة الطفل نفسه بالأطفال الآخرين في كل شيء خوفاً من أن يتفوقوا عليه.
هذه الآثار و غيرها تعتبر من أكثر الآثار ظهوراً على الطفل و التي تجعل وقته و حياته مرهونة قيد الخوف و القلق من الخطأ.
كيف يتوقف الأهل عن سعيهم لمثالية طفلهم؟
يستحب أن يتوقف الأهل عن سعيهم المستمر لجعل طفلهم مثالياً حتى لا يترك هذا الأمر آثاراً كبيرة على نفسية الطفل و مشاعره، من الأمر المفضل اتباعها حتى يتوقف الأهل عن جعل طفلهم مثالياً؛ أن ينظروا لأنفسهم أولاً هل هم فعلاً أشخاص مثاليين؟ الإجابة المحتملة بكل تأكيد هي لا؛ لأنه من البديهي أننا خلقنا في هذه الحياة غير مثاليين فكمال لله وحده، كذلك الأمر بالنسبة لأطفالنا فهم معرضون للوقوع في الخطأ و التجربة و الاستكشاف، فعلينا أن نتوقف عن توقع المزيد من الطفل بل تشجيعه على القليل الذي قدمه بكلمات جميلة ” أنت بطل و في المرات القادمة تستطيع أن تصبح فارساً و نحصل على نتيحة أفضل، لكن أنا فخور بك”. فلا نحبط الطفل و نشجعه على المزيد، كذلك علينا أن نعلم الطفل من أخطائه بدلاً من إيجاد مبررات لها و نتقبلها، و التوقف عن مقارنة طفلنا بالأطفال الآخرين.
حبنا و تشجيعنا للطفل و بناء شخصية سليمة له هو المهم لا وصوله للمثالية. لا تضغطوا على أطفالكم و حبوهم كما هم بشخصياتهم، و بأخطائهم التي يتعلمون منها مع مرور الوقت. لا تطلبوا منهم المزيد و لا تحملوهم فوق طاقاتهم فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
Sign up for more