تطور الطفل و السير نحو أفق تشكيل الشخصية

يولد طفلنا لا يعرف شيئاً في الحياة ، ومع مرور الدقائق الساعات و السنين ، بكل لحظة تمر من حياته فهو يتطور كي يعيش و يتأقلم في هذه الحياة التي خرج إليها بعد صراع طويل في أحشاء أمه، من صراع إلى صراع ، فكيف تظهر السلوكيات التي تظهر على الطفل لمساعدته على التطور؟ و ما هي النظريات التي فسرت تطور الطفل؟ ولماذا علينا فهم تطور أطفالنا؟

تطور الطفل 

التركيز على تطور أطفالنا و تصرفاتهم أمر في غاية الأهمية ، فالتطور يعني التعلم و الاستكشاف و بناء خبرات جديدة، فالطفل يولد لهذه الحياة بمكونات جسمية و عقلية و تطورية، لكن البيئة و التجارب تعمل على تطوير هذه الأمور، فإذا وُلد طفل و وضعناه بغرفة مدى الحياة لا يخرج ولا يعمل شيئاً سوى الأكل و الشرب ، فسيكون لديه ضمور بعدد من الجوانب التطورية، التي تسري كلها بخط متوازٍ و تؤثر على بعضها البعض. فالطفل يمر بسلسلة من مراحل التطور العاطفية، الجسمية،العقلية،و التعليمة والتي بدورها تبني هذا الطفل أو الشخص نحو طريق الإستقلالية في الحياة ؛ إذاً لنلقي نظرة على أهم نظريات التطور.

نظريات التطور للأطفال

هناك عدد من النظريات الرئيسية و التي تسمى النظريات الكبرى ؛كونها تحاول وصف جميع جوانب الطفل التطورية، بالمقابل فإن هناك نظريات مصغرة والتي تركز على جانب من جوانب التطور دون الآخر. فالنظريات الرئيسية مثل :

 نظرية فرويد للتطور النفسي الجنسي: سيغموند فرويد كانت له نظرته التحليلة النفسية في التطور و التي تعزى إلى أن تجارب الطفولة المخزنة باللاوعي ، تؤثر على سلوكيات وشخصية الفرد مستقبلاً. و نظراً لنظرية فرويد النفسية الجنسية التي تشير إلى أن نمو الطفل يكون بناءً على سلسلة من المراحل التي تركز على المتعة في الجسم ،فكل مرحلة من هذه المراحل يحدث فيها صراعات تبني شخصية الفرد و تتخزن باللاوعي فتخرج مستقبلاً، فنلاحظ مثلاً أن الأطفال يضعون الأشياء بالفم للتعرف عليها، فبحسب فرويد من خلال استخدام الفم في إيجاد متعة في اسكتشاف الأشياء يتعلم و يتطور الطفل، و بالمقابل لو أخذنا مثلاً الأطفال الذين لم يشبع المرحلة الفموية بحسب فرويد يكونون أشخاص مدخنين في الغالب . فبالمرحلة الشرجية مثلاً ( عندما يصبح الطفل مستقلاً باستخدام الحمام) بعض الأمهات تقف على رأس طفلها وهو بالحمام فتقول : ” يالله خلصني ، بسرعة ، فش وراي غير أضل أستناك تخلص حمامك” و بذلك بحسب فرويد أيضاً يكون الطفل غير مشبعاً لهذه المرحلة . بالتالي فإن فرويد يعتقد أن المراحل الأولى من حياة الطفل و التي تتخزن باللاوعي ، تلعب دوراً هاماً بتشكيل شخصية الطفل على عكس النظريات الأخرى التي تشير أن الشخصية تستمر بالنمو مدى الحياة. عند الفرويد القوة المحركة للتطور هي المصلحة الجنسية

النظرية الإجتماعية لإركنسون : رغماً من تأثر إركنسون بفرويد و إكمال طريقه بالبحث في التطور، إلا أن إركنسون ربط التفاعل الإجتماعي و الخبرة بالأداء الحاسم لتطور الطفل، فنظريته هذه لم تركز على أن التطور و الصراعات الإجتماعية في مرحلة الطفولة هي التي تصنع الشخصية، لكن يبقى الإنسان في سلسلة تجارب و صراعات إجتماعية حتى الممات هي التي تشكل شخصيته.

النظرية السلوكية: و التي احتلت جانب مهم في علم النفس ، فوصف السلوكيون أن التعلم يحدث من خلال عمليات الإرتباط أو المؤثر و التعزيز. فتعتبر هذه النظرية أن التطور ما هو إلا رد فعل لتعزيز أو تثبيط السلوكيات الناجمة عن الطفل، و تركز على تشكيل التجارب الحالية ولا تدخل بمكنونات الطفل من المشاعر وغيرها.

النظرية الإدراكية لبياجيه: و التي تركز على العمليات الإدراكية ، العقلية و التفكيرية للطفل، فالأطفال لا يفكرون كالبالغين و لهم طريقة تفكير خاصة بالإضافة إلى أنهم أذكياء حتماً في تفكيرهم، فيمشون في سلسلة تطورهم باكتشافهم أنفسهم و ربط الإحساس بالحركة ثم إنتاج اللغة، ثم التفكير المنطقي الملموس .و كل ذلك من خلال استخدام المهارات الإدراكية و التفكير .

أهمية التعرف على تطور الطفل

الطفل في هذه

الحياة حتى منذ صغره و  تفتح    عيناه، هو لم يوجد في مراحله الأولى للرضاعة و الأكل و تغيير الملابس و الحفاضات، لكنه أيضاً يستكشف و يتطور بطرق مختلفة و بطريقة سريعة جداً، فمن الضروري أن نعرف مدى تطور طفلنا و سيره في مرحلة طبيعية أم لا ، كما أن معرفة مراحل التطور أو نظريات التطور يجعلنا مدركين ما علينا استخدامه ؛لمساعدته على التطور وما علينا تجنبه أيضاً لمساعدته على التطور بشكل صحيح. قد نرى بعض الأمور غير طبيعية و نبعد طفلنا عنها رغم أهميتها،إلا أنها طبيعية و علينا تعريض طفلنا لها لمساعدته على الاستكشاف و لمس الأشياء.وبذلك مراقبة سير طفلنا ضمن نطاق تطوري سليم يعد أمراً ضرورية ، وقد يتحير العديد من الأهل حول فكرة ” هل طفلي بيتطور صح؟” فمعرفة تطورهم يساعد على الخروج من هذه الحيرة. 

ماذا أفعل إذاً؟

نظراً لما سبق من نظريات علينا إذا توفير معززات مختلفة بالبيئة و تجنب الأشياء التي تثبط أو تؤثر على تطور مرحلة ما ، فبحسب فرويد مثلاً علينا إشباع متعة جسمه للأشياء، و مراقبته في تعرفه على الأشياء، من الطبيعي أن يضع الأشياء في فمه حاولي أن يكون كل شيء معقم و نظيف ،

1-دعيه يتعرف عليه و عرفيه باستخدام مصطلحات لغوية، ثم اسحبيه من الفم لتجنب الجراثيم.

٢-اصبري عليه و اعطيه من الوقت لإتمام أموره .

٣- عززي السلوكيات الجيدة ، و ثبطي السلوكيات غير المرغوبة.

4- اللعب مع الطفل و استخدام الألعاب التي تتطلب مهارات تفكير و إحساس .

٥- مساعدة الطفل في الإنخراط بالمجتمع و التجربة الإجتماعية و فتح أبوابه على العالم الخارجي. 

و بذلك لا تجعلين طفلك وحيداً في مراحل تطوره هذه و صراعاته الداخلية، فساعديه و كوني معه.

 

بحر تطور الطفل ترسو به العديد من النظريات و الأقوال ، و منها العديد من الأشياء التي نلحظها على الطفل. فبالتطور و سيره ضمن نمط طبيعي أمر غاية بالأهمية، نظراً لكون كل الجوانب تسير بخط متوازٍ و تؤثر بعضها على البعض ، فمرحلة الطفولة مرحلة حساسة تبني بها شخصية مستقلة في الحياة، وهي أهم مرحلة للتعلم ،فكوني مع طفلك و خذي بيده نحو جوانب التعلم و ساعديه على التطور.

سجل معنا الآن ولا تتردد بمساعدة طفلك
 
 

Share this article

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on email
Share on telegram
Share on whatsapp

Categories

Related Articles

guest

0 COMMENTS
Inline Feedbacks
View all comments